اشترك معنا

في المسجد النبوي أرقى صور التكافل




قد يكون عنوان المقال غريبا نوعاً ما، خصوصاً إذا حاولنا أن نربطه بالقضايا الاقتصادية، لكن لو تفكر فيما يحدث وقت الإفطار في المسجد النبوي من التعاون والتكافل بين جميع طبقات المجتمع: الغني والفقير، الوزير والغفير، الأبيض والأسود، لا توجد هناك تفرقة، ما تشاهده هو أرقى أنواع التكافل بين أعضاء المجتمع، هذا هو فعلاً جوهر الاقتصاد الإسلامي . ماذا يحدث وقت الإفطار في المسجد النبوي؟
تشهد تعاونا وتكافلا غير طبيعي من أهل المدينة المنورة، مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لخدمة زوار المسجد النبوي، كل عائلة لديها مكان في المسجد النبوي لتقوم على تفطير وراحة الصائمين ويتنافسون في استقطاب الصائمين، وكل شخص يريد أن يساهم في هذا التعاون والتكافل الراقي في المجتمع، حين تشاهد هذا المنظر تكاد تقسم بالله أنه من المستحيل أن يكون هناك فقير أو مدين أو مكروب أو من لا يجد له مسكنا في هذا البلد. وفوق هذا كله الروح الطيبة والابتسامة والكلام الجميل في خدمة زوار هذا المسجد تتمنى أنك لا تخرج من هذا المكان الرائع بكل ما تحمله الكلمة وتعجز الكلمات عن وصف المشاهد التي يمكن أن تراها في مسجد الرسول ـــ صلى الله علية وسلم. (حديث عن فضل إفطار الصائم)
لست متخصصا في القضايا الاجتماعية ولست عالماً شرعياً، كل ما أحاول شرحه في هذا المقال لماذا لا يكون لدينا هذا التكافل نفسه طوال أيام السنة ولماذا لا يكون لدينا هذا التكافل في حياتنا اليومية؟ ويكون منهج حياة.
كل مرة أقرأ أو أقف على سيرة عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الرشدين، وما يرويه المؤرخون أنه لم يكن في عهده فقير أشعر أن هذا من الخيال أو من أحلام اليقظة. لكن من يعمل بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: ''لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ''، ومن يشاهد منظر التكافل في الحرم المدني يعلم أن هذا الشيء ممكن تحقيقه بكل سهولة.
أمثله وتطبيقات من أرض الواقع يمكننا أن نرسم بها أرقى صور التكافل التي حثنا عليها ديننا، اليوم لا يخفى على الجميع مشكلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية من التكافل إنشاء الجمعيات التعاونية، يستفيد من هذه الجمعيات جميع طبقات المجتمع على غرار ما هو موجود في الدول المجاورة أمثال الكويت والإمارات ... إلخ، وعند إنشاء هذه الجمعيات التعاونية يستفيد المستهلك بالحصول على أفضل الأسعار وفي الوقت نفسه يحصل على أرباح في نهاية السنة. نعم هذا تكافل!
مثال آخر من التكافل في قطاع البنوك لو قامت البنوك بتفعيل إحدى أهم ركائز المصرفية الإسلامية وهي مبدأ المشاركة أو ما يسمى عقود المشاركة لشهدنا نشاطا اقتصاديا في هذا البلد بشكل ليس له مثيل، ونما قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة .. ما عقود المشاركة؟
اليوم إذا احتاج التاجر إلى مبلغ من المال لشراء بضاعة أو خدمة معينة ولم يكن هذا المبلغ متوافرا سيذهب إلى البنك للاقتراض، وبهذه العملية تحول النقود من وسيلة تبادل تجاري إلى سلعة تباع وتشترى، بمعنى يقول البنك إني بعت مبلغ مليون ريال على سبيل المثال وأرغب في أرباح بمقدار 25 في المائة خلال خمس سنوات. ولكن في عقود المشاركة يدخل البنك شريكا معك في هذه العملية، بمعنى أن يقول البنك سأكون مساهما معك في هذه العملية بقيمة مليون ريال، ولو افترضنا أن هذه المليون ريال تشكل 50 في المائة من قيمة العملية في حالة الخسارة سيخسر الجميع، أما في حالة الربح سيستفيد البنك 50 في المائة من الأرباح بدلاً من 25 في المائة، وبهذا يربح الجميع ويخدم المجتمع البنك برفع الاحترافية في إدارة الصفقات التجارية.
مثال آخر قضية السكن، يدخل في هذه المعادلة أطراف عدة، المستهلك أو المستفيد الأخير، البنك بالنسبة للمقاول والبنك بالنسبة للزبون أو المستهلك الأخير، والمقاول وصاحب الأرض. وقد يكون صاحب الأرض قد اشترى هذه الأرض من خلال تمويل فنجد أن دور التمويل مهم جداً في عملية الإسكان وفي الوقت نفسه يحمل المستهلك الأخير كثيرا من التكاليف، ماذا لو أبدلنا هذه الآلية بطريقة فيها تكافل .. كيف؟
البنك لديه المال والمقاول لديه الخبرة والقدرة على التنفيذ، عند دخول المقاول والبنك في شراكة لتنفيذ مشروع معين بهذا نقوم بتخفيض قيمة الفائدة المتراكمة على المستهلك أو المستفيد الأخير، وبدل من أن يدفع المستفيد 20 في المائة تقريباً فوائد مركبة من عمليات تمويل الأرض ثم تمويل البناء سوف نكتفي بأرباح الشراكة بين البنك والمقاول، لكن في الوقت نفسه يجب أن نتذكر حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم: ''لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ''، وبهذا تكوين تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
ليكن لنا هدف انطلاقاً من هذه العشر المباركة من شهر رمضان أن نكون فعلاً مجتمعا متكافلا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.


عنوان الموضوع: "في المسجد النبوي أرقى صور التكافل"

إرسال تعليق

إقرأ أيضا:

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة