اشترك معنا

موقف الإسلام من التجمل والعناية با لمظهر



لقد خلق الله سبحانه وتعالى  الإنسان في أحسن صورة، قال الله تعالى: {...وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ...} 1، قال المفسر ابن العربي رحمه الله: إن الله سبحانه خلق الصور فأحسنها في ترتيب الهيئة الأصلية، ثم فاوت في الجمال بينها، فجعلها مراتب 2، ودلت الشريعة الإسلامية على الرغبة في التجمل، فقال صلى  الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال ، قال الله - عزو جل-:{...قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ...} 3، قال ابن العربي رحمه الله:{ زِينَةَ اللَّهِ} فيه ثلاثة أقوال:
الأول: ستر العورة، إذ كانت العرب تطوف عراة، إذ كانت لا تجد من يعيرها من الحمس.
الثاني: جمال الدنيا في ثيابها وحسن النظر في ملابسها ولذاتها.
الثالث: جمع الثياب عند السعة في الحال.4 
يقول القرافي رحمه الله في الفروق: وأما التجمل فقد يكون واجباً في ولاة الأمور وغيرهم إذا توقف عليه تنفيذ الواجب، فإن الهيئة الرثة لا تحصل معها مصالح العامة من ولاة الأمور, وقد يكون مندوباً إليها في الصلوات، والجماعات، وفي الحروب لرهبة العدو، والمرأة لزوجها, وفي العلماء لتعظيم العلم في نفوس الناس, وقد قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه -: أحب أن أنظر إلى قارئ القرآن أبيض الثياب، وقد يكون حراماً إذا كان وسيلة لمحرم كمن يتزين للنساء الأجنبيات ليزني بهن, وقد يكون مباحاً إذا عري عن هذه الأسباب 5.
ولذا شُرع للمسلم أن يتجمل ليوم الجمعة ففي الحديث قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : "من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها" 6.
فدل الحديث على مشروعية التجمل، ولبس أحسن الثياب والتطيب، وفي هذا دلالة على حث الشارع على التجمل والتزين وأن ذلك من دين الله عز وجل.
بل ربما يستعان بهذا التجمل على طاعة الله فيكون ذلك من القربات إلى الله سبحانه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من حرم الطيبات التي أحلها الله من الطعام واللباس والنكاح وغير ذلك، واعتقد أن ترك ذلك مطلقاً هو أفضل من فعله لمن يستعين به على طاعة اللّه، كان معتدياً معاقباً على تحريمه ما أحل اللّه ورسوله، وعلى تعبده لله تعالى بالرهبانية، ورغبته عن سنة رسول اللّه صلى  الله عليه وسلم، وعلى ما فرط فيه من الواجبات، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب7 .
المراجع
  سورة غافر، الآية: 64.
  شرح سنن الترمذي 7/263.
  سورة الأعراف، الآية: 32.
  أحكام القرآن، لابن العربي 2/311.
  الفروق، للقرافي، الفرق التاسع والخمسون والمائتان بين قاعدة الكبر وقاعدة التجمل بالملابس والمراكب وغير ذلك.
  أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الغسل يوم الجمعة 343 وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم 1045 ووافقه الذهبي.
  مجموع الفتاوى 22/136.

أ.د.عبد الرحمن بن عبد الله السند* 

عنوان الموضوع: "موقف الإسلام من التجمل والعناية با لمظهر "

إرسال تعليق

إقرأ أيضا:

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة